الجمعة، ٢١ أغسطس ٢٠٠٩

الوجبات السريعة تستنزف القدرات العقلية

كان عالم التغذية فيكتور ليندلاهار من أشد المؤمنين بأن الطعام الذي نتناوله له أثر بالغ ومهم على صحتنا ، وحينما قام بنشر كتابه "أنت ما تأكل ، كيف تحفظ صحتك بالغذاء" ،أدى إلى انتشار أفكاره ،واهتمام الناس بالغذاء وتأثيره على الصحة العامة ،وبدأ العلماء بعدها يلاحظون أن الأطعمة المحتوية على الكثير من الدهون ،تسبب –على سبيل المثال لا الحصر- مجموعة من الأمراض الخطيرة منها :السمنة ،وأمراض القلب ،والسكر ،ونقص القدرات العقلية.
ولقد كان العلماء يعتقدون أن هذه الآثار تحدث على المدى الطويل ، لكن الدراسات الحديثة التي قام بها باحثون من جامعة أكسفورد أثبتت أن تناول أغذية بمحتوى دهني عالي ولو لأيام ، يؤدي إلى بداية تدهور سريع في الصحة العامة.
ولبيان التأثير السلبي للأغذية عالية الدهون على مستوى الذكاء ، قام الباحثون بعمل تجارب على 32 فأر ، حيث تمت تغذيتهم لمدة شهرين بأغذية قليلة الدهون ،وجعلوا أطعمتهم تحتوي على نسبة 7.5 في المائة من الدهون فقط ، ثم قاموا بعمل متاهة وضعوا في نهايتها قطعة حلوة ومسحوها بالكحول المزيل للرائحة ، ليعتمد الفئران على الذاكرة وليس على حاسة الشم .
ثم قام العلماء بإطعام نصف الفئران بأغذية تحتوي على نسبة أعلى من الدهون تصل إلى 55في المائة من طعامهم ، لاحظ العلماء في اليوم الخامس أن الفئران التي أكلت نسبة عالية من الدهون قلت سرعتها في الجري بنسبة 30 في المائة عن الفئران التي تناولت غذاء قليل الدهون ، وفي اليوم التاسع قلت سرعة الفئران التي تتناول أغذية عالية الدهون إلى 50 في المائة من سرعة الفئران الأخرى.
كما أن الفئران التي تناولت دهون عالية تأثرت قدراتها العقلية كثيرا ،وارتكبت العديد من الأخطاء في عبورها للمتاهة للوصول إلى قطعة الحلوى ،ذلك بالمقارنة بينها وبين الفئران التي تناولت دهونا أقل.
يقول الدكتور أندر موراي محاضر الفسيولوجي في جامعة كمبريدج في بريطانيا ،أنهم توقعوا حدوث تأثير سلبي من كثرة تناول الدهون ،ولكنهم لم يتوقعوا أن يكون هذا التغيير كبيرا إلى هذه الدرجة ،ولا أن يتم في هذه الفترة الزمنية القصيرة.
ولقد اكتشف العلماء وجود نوعا معينا من البروتينات في الخلايا العضلية للفئران التي تناولت دهون أكثر ،ووجدوا أن هذا البروتين يجعل الخلايا أقل قدرة على امتصاص الأكسجين ،اللازم لإنتاج الطاقة التي تساعد على الحركة ،مما يؤدي إلى دفع القلب لبذل جهد أكبر ،فيتسبب ذلك في زيادة حجمه، وبهذا فسر الباحثون عدم قدرة الفئران على الجري بالمقارنة بالفئران الأخرى التي تتناول قدرا أقل من الدهون.
أما عن مستوى الذكاء الذي تدهور في حالة تناول الفئران لدهون عالية ، فقد فسره العلماء بأن نسبة الدهون العالية تحفز إنتاج الأنسولين ، فيؤدي إلى الإقلال من نسبة الجلوكوز في الدم ،مما يقلل من وصوله إلى خلايا المخ التي تحتاج بشدة إلى الجلوكوز ، فيقلل هذا القدرات الإدراكية للفئران.
ولقد نصح د.جيرارد وايسمان أحد القائمين بالدراسة ،الشباب بتناول الأطعمة السريعة ،وطالبهم بأن يستمتعوا بساندويتشات الهوت دوج،ويتمتعوا بمذاق البيتزا ،ويرضوا حاسة التذوق لديهم ، لكن بشرط أن يكونوا مستعدين لدفع الثمن وهو الضعف في قدراتهم العضلية والعقلية.
ولقد أجرى نفس الباحثين دراسات مماثلة على الشباب صغار السن ،وقاموا بعمل اختبارات عقلية ورياضية لبيان تأثر المواد الدهنية على عقولهم وأجسامهم ،ويقول د. أندرو موراي رغم أن الدراسات لم تكتمل نتائجها إلا أنه من الملاحظ أن تأثير الدهون على الإنسان يشبه نفس التأثير على الفئران ، فلقد لاحظ أيضا تدهور في القدرات العضلية والعقلية لدى الشباب إذا تناولوا نسبة عالية من الدهون ،ولو لفترات قصيرة.
ويتمنى د. موراي بعد هذه الدراسة أن يفكر الناس جديا في تقليل نسبة الدهون في طعامهم ، ليلاحظوا التطور الإيجابي السريع في صحتهم العامة ،وفي قدراتهم العقلية.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة 2008 - 2012© مدونة عـايـش مـن زمـان