الثلاثاء، ١ ديسمبر ٢٠٠٩

مخرج «٢٠١٢»: رفضت تقديم مشاهد تدمير المعالم الإسلامية خوفاً من صدور فتوى ضدى

200مليون دولار تكلفها فيلم «٢٠١٢» أحدث إنتاج فى السينما الأمريكية ضمن سلسلة تنذر بفناء الأرض ودمارها، فبعد كثير من الأفلام التى اختلفت فى أحداثها واتفقت فى خطها الرئيسى – فناء الأرض – وكان أبرزها «يوم الاستقلال» ١٩٩٦ و«بعد الغد» ٢٠٠٤ يأتى فيلم «٢٠١٢» استمراراً للأفلام عالية التكلفة، التى تتعمد فى أجزاء كبيرة من مشاهدها على تقنيات الكمبيوتر والمؤثرات الخاصة، وإثارة مخاوف الجمهور نحو الوصول للنهاية وفناء البشرية لغضب وثورة الطبيعة.

الفيلم يعرض حاليا فى ١٠٥ دول منها مصر، والمثير أنه حقق فى أول ثلاثة أيام لعرضه فى الولايات المتحدة ٦٨.٧ مليون دولار، وهو ما اعتبرته شركة «سونى» المنتجة للفيلم بداية «خجولة»، وأدنى مما هو متوقع لمثل هذه النوعية من الأفلام، خاصة أن هذه الإيرادات تقل عما حققه «بعد الغد» يوم افتتاحه، حيث تجاوزت إيراداته المائة مليون دولار، إلا أن تحقيق الفيلم لـ٢٢٥ مليون دولار فى عروضه العالمية عوّض الكثير من إخفاق عرضه الأمريكى الأول، كما توالت الإيرادات الكبيرة التى حققها الفيلم فى الولايات المتحدة لتخلق الرضا لدى الشركة وصناع الفيلم، والتى تجاوزت حتى الآن ١٠٨ ملايين دولار، من إجمالى ٤٤٩ مليون دولار من جميع عروضه الأمريكية والعالمية.

ويلعب بطولته «دانى جلوفر» و«جون كوزاك» و«أماندا بيت» و«وودى هارلسون»، وأخرجه الألمانى «رولاند إيميرش»، واستمدت أحداثه بمحاولة للربط بين الماضى والمستقبل، حيث تعتمد على نبوءة لشعب وقبائل المايا التى كانت تعيش فى أمريكا قبل الميلاد، والتى أنذرت بغرق أجزاء كبيرة من الأرض عام ٢٠١٢، تحت اسم «دومسداى» أو يوم القيامة، كما تشير له الجمل الحوارية فى الفيلم، مما يهدد بإشاعة الفوضى بين البشر ونهاية العالم وفنائه بمن عليه، بينما يتحمس باحث أكاديمى ومجموعة من المحيطين به لمساعدة من يتبقى على قيد الحياة ومحاولة إنقاذهم، وهى التيمة نفسها التى قدمت فى فيلم «بعد الغد»، وربما ساهم تصدى مخرج واحد «رولاند إيميرش» لتقديم الفيلمين فى توحد المضمون والرؤية، وهو أيضا مخرج «يوم الاستقلال»، إضافة إلى أنه كتب أيضا سيناريو الفيلم بمشاركة المنتج والملحن «هارولد كلوسر».

وتستعرض الأحداث محاولات نجاة مجموعة من البشر والصعوبات التى تواجههم لحين الوصول إلى جبال الهيمالايا حيث تنتظرهم سفن وفرها علماء ورؤساء حكومات يسعون لإنقاذ ما يستطيعون من أرواح، ولكن «٢٠١٢» خرج أكثر إبهاراً وإحكاماً من «بعد الغد»، حيث أشاد النقاد الأمريكيون به، لما حفل به من مؤثرات مبهرة، كما أثنوا على إجادة المخرج لاستخدام هذه التقنيات التى ساهمت فى خروج الفيلم بشكل جيد وواقعى، حيث لم يبدو الكمبيوتر وكأنه بطل لقطات غرق الأرض والفيضانات الجارفة وتدميرها لكل ما هو حى، بل بدت المشاهد طبيعية، وكأنها التقطت من كوارث حقيقية، إلا أن بعض النقاد هاجم استدعاء قبائل وشعب المايا فى انطلاق الأحداث من نبوءة لها، وكأنه تقليد لفيلم «أبوكاليبتو» الذى أخرجه «ميل جيبسون» وكانت أحداثه كلها عن المايا وإبادتهم، كما قدم حواره بلغتهم.

ومن اللافت احتواء الفيلم على عدد كبير من المشاهد التى يظهر خلالها قساوسة الفاتيكان ورجال دين فى الكنائس المسيحية الأمريكية وفى التبت والهند، وهم يتلون صلواتهم، بينما تلاحقهم الكارثة وتدمر كثيراً من الرموز الدينية المسيحية، فى حين لم يظهر أى مشهد لتدمير المعالم الدينية الإسلامية، رغم وجود مشهد للمصلين بالكعبة والمسجد الحرام فى المدينة المنورة ضمن أحداث الفيلم، وهو مابرره المخرج «رولاند إيميرش» فى تصريحات له مؤخرا نشرت على موقع «هوليوود ريبورتر» بأنه تجنب تصوير أى مشاهد لتدمير أى من المعالم الدينية الإسلامية خشية غضب المسلمين وهجومهم على الفيلم، وصدور فتوى ضده- على حد قوله- بعد كثير من الأحداث الأخيرة التى ثار خلالها المسلمون وتظاهروا بدعوى الإساءة لمقدساتهم الدينية.

ورغم ذلك فقد هاجم بعض علماء الدين فى عدد من الدول الإسلامية الفيلم، كما حدث فى مدينة «جاكرتا» الإندونيسية، حيث عبروا عن استيائهم لما وجدوا فيه استفزازاً لمشاعر المسلمين وزعزعة لإيمانهم بالله- على حد قولهم، وأصدر أحد فروع المجلس الوطنى لعلماء الدين هناك فتوى تمنع عرض الفيلم، وقال رئيس المجلس فى تصريح له نشرته وكالة الأنباء الفرنسية بأن «الإسلام يحرم التنبؤ بنهاية العالم أو تصويره..

إنها من أسرار الخالق، لذا أخشى أن يزعزع هذا الفيلم إيمان المسلمين»، إلا أن ذلك لم يقلل من الإقبال الكبير فى «جاكرتا» على الفيلم الذى سرب أيضا على CDs، كما عبر عدد من الجمهور فى إندونيسيا عن أن الفيلم عزز إيمانهم على عكس ما يروجه علماء الدين!، واعتبر آخرون أنه ليس سوى فيلم آخر يروى أحداث كارثة كبرى.

بدأ تصوير الفيلم فى أغسطس ٢٠٠٨، بعد أن جاب مخرج الفيلم ومنتجه عدداً من الاستديوهات الكبرى لإنتاجه، والتى رفضت بسبب الميزانية التى طلبها «إيميرش»، وهى ٢٦٠ مليون دولار، وانتهت المفاوضات بينه وبين شركة «سونى» التى اشترت السيناريو ووافقت على إنتاجه إلى تخفيض الميزانية لـ ٢٠٠ مليون دولار، بينما وزعته شركة «كولومبيا»، وكان من المقرر تصوير الفيلم فى مدينة «لوس أنجلوس»، إلا أنه صور فى «فانكوفر»، وانتهى تصويره فى يناير الماضى، وسط مخاوف من إضراب أعضاء نقابة الممثلين الأمريكيين الذى كان متوقعاً منذ بداية العام الماضى، وقد كان من المقرر عرض الفيلم الصيف الماضى، إلا أن عدم انتهاء التجهيزات الفنية له أخر عرضه إلى الشهر الجارى.

وقد أثارت حملة الدعاية التى واكبت الفيلم منذ ١١ نوفمبر الجارى الكثير من الانتقادات حيث ظهر تريللر مبدئى للفيلم، بينما تظهر لقطات إعصار «تسونامى» يضرب جبال الهيمالايا، وهدد صوت راو بفناء الأرض فى ٢٠١٢، مطالبا الجمهور بالبحث فى محرك «جوجل» وعدد من مواقع البحث على الإنترنت عن «٢٠١٢»، وهو ما اعتبرته صحيفة «الجارديان» دعاية معيبة للغاية على حد وصفها، لأنها اعتمدت على الزيف والادعاء وخداع الجمهور، أيضا بثت الشركة المنتجة ٤ دقائق من تريللر للفيلم يضم مشاهد لتدمير لوس أنجلوس وغيرها من المدن الأمريكية، وشاهده ١١٠ ملايين مشاهد.

كما خصصت الشركة أحد المواقع لتلقى طلبات ضمن حملة الدعاية للفيلم، لاختيار سعداء الحظ ممن يشكلون رابطة يجرى إنقاذها فى حالة فناء العالم!، وقال «ديفيد موريسون» أحد مسؤولى وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»: تلقيت ١٠٠٠ طلب من عدد من المراهقين ممن طلبوا اللجوء لحمايتنا فى حال فناء الأرض، حيث اعتقدوا أن الإنذارات على الموقع حقيقية، مهددين بانتحارهم إذا اقتربت ساعة النهاية ولم يتم إنقاذهم من يوم القيامة!

من ناحية أخرى ساهم الفيلم فى الترويج لعدد من الأعمال الأدبية التى تناولت نبوءة فناء العالم فى ٢٠١٢ مثل رواية «وداعا أطلانتس» التى ارتفعت مبيعاتها بشكل كبير منذ بدء عرضه

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة 2008 - 2012© مدونة عـايـش مـن زمـان